الثلث الثاني من الحمل ـ ما الذي يجب أن تتوقعه الحامل
يشير مصطلحُ "الثلث الثاني من الحمل" إلى الفترة الممتدة من الأسبوع الثالث عشر حتَّى نهاية الأسبوع الثامن والعشرين. يستمرُّ الحملُ قرابةَ أربعين أسبوعاً. وخلال الثلث الثاني من الحمل، يمكن أن تلاحظَ المرأة الحامل أنَّ أعراضَ بداية الحمل، كالغثيان والتعب، قد زالت عنها. لكنها ترى تغيُّرات جديدة أخرى أكثر وضوحاً. يتمدَّد بطنُ الحامل مع نمو الجنين. وقبلَ أن ينتهي الثلث الثاني من الحمل، تشعر المرأة ببداية حركة طفلها. يتغيَّر جسمُ المرأة الحامل حتى يفسح مجالاً لنمو الجنين. ولذلك، قد يظهر لديها: • آلام جسدية، كآلام الظهر أو البطن أو المنطقة الأُربية أو الفخذين. • علامات التمدُّد، أو "فُتوق الحمل"، في منطقة البطن أو الثديين أو الفخذين، أو الردفين. • ازدياد قتامة لون الجلد حول حَلمتي الثديين. • خط على الجلد يسير من السُّرة حتى شعر العانة. • خَدَر أو "نَخز" يصيب اليدين، وهو يدعى باسم "مُتلازمة النفق الرسغي". • حكَّة في البطن وراحتي اليدين وأخمصي القدمين. • تورُّم الكاحلين والأصابع والوجه. في هذه المرحلة، يمكن أن يكونَ أهمُّ ما في الزيارات السابقة للولادة إلى عيادة الطبيب هو الاستماع إلى ضربات قلب الجنين، وذلك باستخدام جهاز خاص يدعى باسم "دوبلر". وقد يقترح الطبيبُ إجراءَ تصوير بالأمواج فوق الصوتية، أو غير ذلك من فحوص التحرِّي في هذا الثلث من الحمل. كما يمكن أيضاً أن تعرفَ الأمُّ جنسَ الجنين في هذه المرحلة، إذا شاءت ذلك. على المرأة الحامل الاتِّصال بطبيبها في أي لحظة من لحظات حملها إذا شعرت بأي قلق على صحَّتها أو على صحَّة جنينها.
يواصل الجنينُ نموَّه وتخلُّقه خلال الثلث الثاني من حمل المرأة. وفي الأسبوع السادس عشر، تبدأ النسجُ العضلية والعظمية لدى الجنين بتشكيل هيكل عظمي متكامل. كما يبدأ تشكُّل جلد الجنين أيضاً. يصبح الجنينُ قادراً على القيام بحركة المص بفمه. وتُعرف هذه الحالة باسم "مُنعكس المص". ويصل طولُ الجنين من 10 – 13 سنتيمتراً، كما يصل وزنُه إلى مائة غرام تقريباً مع حلول الأسبوع السادس عشر من الحمل. عندَ بلوغ الأسبوع العشرين، تكون المرأة قد بلغت منتصف مرحلة الحمل. ويصبح الجنينُ أكثر نشاطاً بحيث تشعر الأم ببداية حركته. يغطِّي جسدَ الجنين شعرٌ ناعم يُدعى باسم "زَغَب الجنين" وغلاف شمعي يدعى باسم "الطلاء". وهذا ما يحمي جلدَ الجنين في مرحلة نموِّه. وفي هذه المرحلة، يظهر أيضاً الحاجبان وأهداب العينين وأظافر اليدين والقدمين. بل إن الجنين يصبح أيضاً قادراً على خدش جلده بأظافره. في الأسبوع العشرين، يبلغ طولُ الجنين نحو خمسة عشر سنتيمتراً، ويبلغ وزنه نحو ثلاثمائة غرام. ويصبح قادراً على السمع وعلى الابتلاع. تظهر البراعمُ الذوقية، وبصمات أصابع اليدين والقدمين في الأسبوع الرابع والعشرين. ويبدأ نموُّ الشعر على رأس الجنين أيضاً. ومع حلول الأسبوع الرابع والعشرين، ينام الجنينُ ويصحو على نحو منتظم. إذا كان الجنين ذكراً، فإنَّ انتقال خصيتيه من البطن إلى كيس الصفن يبدأ في الأسبوع الرابع والعشرين. إذا كان الجنينُ أنثى، فإنَّ الرحم والمبيضين يتشكَّلان في الأسبوع الرابع والعشرين. كما تتشكَّل أيضاً البيوض التي تكفي طوالَ الحياة. في الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل، يكون الجنينُ قد خزن الدهون، وإزداد وزنه. ويبلغ وزنُ الجنين في هذه المرحلة نحو سبعمائة غرام، كما يبلغ طولُه قرابة ثلاثين سنتيمتراً.
يجد القسمُ الأكبر من النساء الحوامل أنَّ الثلثَ الثاني من الحمل أكثر سهولة من الثلث الأول. لكنَّ أهميةَ بقاء المرأة على علم بكل ما يتعلق بالحمل خلال هذه المرحلة لا تقلُّ عن أهمية ذلك في الثلث الأول من الحمل. قد تلاحظ الحاملُ أنَّ الأعراض السابقة، كالغثيان والتعب قد زالت. لكن تغيُّرات جديدة أكثر وضوحاً تبدأ بالظهور على جسم المرأة الحامل. يتمدَّد البطن مع نمو الجنين. وقبل نهاية الثلث الثاني، تشعر الأم ببداية حركة الجنين. يتغيَّر الجسمُ حتى يفسح مكاناً لنمو الجنين. وقد تظهر لدى المرأة الحامل:
آلام جسدية، كألم الظهر أو البطن أو المنطقة الأُربية (أعلى الفخذين) أو الفخذين.
علامات التمدُّد، أو تشقُّقات الحمل، على البطن أو الثديين أو الفخذين أو الردفين.
ازدياد قتامة لون الجلد حول حلمتي الثديين.
خط على الجلد ينحدر من السُّرة وصولاً إلى شعر العانة.
تظهر بقعٌ قاتمة على الجلد خلال الثلث الثاني من الحمل. وتظهر هذه البقعُ على الوجنتين أو الجبين أو الأنف أو الشفة العليا عادة. ويكون ظهورُ هذه البقع متناظراً على جانبي الوجه. تُدعى هذه البقع أحياناً باسم "قناع الحمل". خلال الثلث الثاني من الحمل، يمكن أن يظهرَ لدى المرأة أيضاً:
خَدَر ونَخز في الكفين يدعى باسم "متلازمة النفق الرسغي".
حكة في البطن وراحتي الكفين وكعبي القدمين.
تورُّم الكاحلين والأصابع والوجه.
مع تقدُّم الحمل، يمكن أن تؤدِّي التغيُّراتُ التي تصيب شكل المرأة الحامل ووظائف جسدها إلى آثار انفعالية أيضاً. وحتى إذا كانت المرأة تريد الإنجاب، ورغم سعادتها بحملها، فإنَّ إدراكها بأنَّها سوف تصبح أماً يمكن أن يؤدِّي إلى بعض الشدة النفسية في حياتها. ومن الأمور الشائعة التي تقلق المرأة الحامل:
صحَّة الجنين.
التكيُّف مع الأمومة.
تكاليف تنشئة الطفل.
التأثير في العلاقات العاطفية.
التأثير في نشاطات المرأة وفي عملها.
من الطبيعي أن تكونَ لدى المرأة شكوك فيما يتعلَّق بحملها. وقد تجد أنها صارت تبكي على نحو أكثر سهولة، أو أنها صارت تعاني من تقلبات في المزاج. وعلى المرأة الحامل إدراك أن ما تشعر به أمر طبيعي. وعليها أن تجدَ طرقاً للاسترخاء. يمكن للمرأة أن تستفيد من الاستحمام، أو قراءة كتاب، أو ممارسة بعض التمارين الرياضية، أو التأمُّل أو ممارسة اليوغا. يزداد الدافعُ الجنسي لدى بعض النساء خلال الحمل. وقد تشعر المرأة الحامل بأنها صارت أكثرَ جاذبية وأنوثة وجمالاً. لكن قسماً من الحوامل يمكن أن يكون لديهن شعوراً بقلة الأمان بسبب زيادة الوزن، وبسبب التغيُّرات الجسدية الناتجة عن الحمل. إذا شعرت المرأةُ الحامل بقلق نتيجة تغيراتها الجسدية، فإن عليها أن تذكِّرَ نفسها بأن جسمها يتغيَّر من أجل المحافظة على صحتها وصحة جنينها خلال فترة الحمل كلها. خلال الثلث الثاني من الحمل، يمكن أن تشعرَ الحامل باندفاع لمواجهة تحديات إعداد المنزل لاستقبال الطفل. ومن أجل تفادي الإحساس بالانشغال الزائد بعدَ ولادة الطفل، توجد خطوات يمكن أن تقوم بها الحاملُ من أجل الاستعداد للأمومة. من الممكن أن يكونَ الثلثُ الثاني من الحمل فترة جيدة من أجل ما يلي:
الالتحاق بجلسات الاستعداد للولادة.
العثور على طبيب أطفال مناسب.
القراءة عن موضوع الإرضاع الطبيعي.
جمع معلومات عن "إجازة الأمومة" التي تمنحها الجهة التي تعمل لديها الأم.
خلال الثلث الثاني من الحمل، يكون تركيزُ الطبيب خلال الزيارات السابقة للولادة منصباً على ما يلي:
نمو الطفل.
تأكيد الموعد المتوقَّع للولادة.
البحث عن أي مشكلات تتعلَّق بصحَّة الأم.
يبدأ الطبيبُ بتفقُّد وزن المرأة الحامل وضغط دمها. كما يمكن أن يقوم أيضاً بقياس حجم الرحم من خلال التحقُّق من "ارتفاع قاعدة الرحم". وهذا الارتفاع هو المسافة بين قمة الرحم وبين عظم العانة. في هذه المرحلة، يمكن أن يكونَ أهم ما في زيارة الطبيب بالنسبة للأم هو الاستماع إلى ضربات قلب جنينها باستخدام جهاز خاص يُدعى باسم "دوبلر". وقد يقترح الطبيبُ في هذا الثلث من الحمل إجراءَ تصوير بالأشعة فوق الصوتية، أو إجراء فحوصات تقصي أخرى. ومن الممكن أيضاً أن تعرف الأم جنسَ جنينها إذا أرادت ذلك. يجب الحرصُ على ذكر أي علامات أو أعراض تسبب القلق للأم، حتى وإن بدت هذه الأمور سخيفة أو غير هامة. إنَّ الحديثَ في هذه الأمور مع الطبيب يمكن أن يخفِّفَ من توتر المرأة الحامل.
عندما تحمل المرأة، فقد يتطلَّب ذلك أيضاً بعضَ التغييرات في نمط الحياة. وفيما يلي بعض النصائح المتعلقة بما يجب القيام به وبما لا يجوز القيام به خلال الحمل. فيما يلي بعض النصائح المهمَّة المتعلِّقة بالحياة الصحية خلال الحمل:
عدم التدخين، أو تناول الكحول، أو استخدام العقاقير الممنوعة.
تجنب التدخين الثانوي، لأنه يمكن أن يكون مؤذياً للحامل وللجنين.
عدم الاستحمام بمياه حارة جداً. وعدم استخدام المغاطس الحارة أو حمامات الساونا.
الإكثار من النوم.
العثور على طرق لضبط الشدة النفسية.
يجب أن يزدادَ وزنُ المرأة على نحو صحي خلال الحمل. وعليها أن تستشيرَ الطبيب لتعرف ما هو المقدار الصحي لزيادة الوزن بالنسبة لها. يعدُّ الالتزامُ بنظام غذائي صحي خلال الحمل أحد أفضل الأشياء التي يمكن أن تقومَ بها الحامل من أجلها ومن أجل طفلها. إن الاختيارات الذكية فيما يخص تغذية الحامل يمكن أن تساعدَ على دعم نمو الطفل وتطوره. ويجب تناول أغذية تحتوي على الحبوب والفاكهة والخضار والبروتين ومنتجات الألبان والماء. من الممكن، حتَّى للمرأة الحامل التي تتناول غذاء صحياً كل يوم، أن تفتقرَ إلى بعض المواد المغذية. إن تناول الفيتامينات السابقة للولادة يمكن أن يكونَ مفيداً في سد هذه الثغرات. ومن الأفضل أن يبدأ تناول هذه الفيتامينات قبل الحمل بثلاثة أشهر. من الممكن أن يوصي الطبيبُ المرأةَ الحامل بتناول بعض المكمِّلات الغذائية الخاصة في الحالات التالية:
الاعتماد على نظام غذائي نباتي صارم.
خضوع المرأة لعملية جراحية من أجل السمنة في وقت سابق.
وجود أي حالات صحِّية مزمنة، كالداء السكري مثلاً.
يجب استشارة الطبيب دائماً قبل تناول أي فيتامينات أو مكمِّلات غذائية جديدة خلال الحمل. ما لم ينصح الطبيب بغير ذلك، فإن على المرأة الحامل أن تحاول ممارسة التمارين الرياضية لمدة ساعتين ونصف الساعة أسبوعياً. وعليها أن تلتزم بمستوى معتدل من هذه التمارين، بالإضافة إلى توزيع فترات التمرين على امتداد الأسبوع. من المهم أن يكونَ لدى المرأة الحامل المعلومات الكافية خلال حملها. وعليها أن تقرأَ الكتب وتشاهد مقاطع الفيديو الخاصة بالحمل، وأن تتحدَّثَ مع الأمهات من معارفها. كما يمكنها أيضاً أن تسأل الطبيب عن الجلسات المخصَّصة لتثقيف الحوامل. وهذا يمكن أن يساعدَ المرأة في الاستعداد من أجل ولادة طفلها. خلال الحمل، يجب أن تحرصَ المرأة الحامل على الابتعاد عن المواد الكيميائية. ومن هذه المواد:
مبيدات الحشرات.
المُذيبات، ومنها بعضُ أنواع المنظفات أو مُرققات الدهان.
الرصاص.
الزئبق.
الدهانات، بما في ذلك الأبخرةُ الناتجة عن الدهانات.
لا توجد التحذيرات المتعلِّقة بالحمل على جميع المنتجات. وفي حال عدم التأكد من سلامة أحد المنتجات، فيجب سؤال الطبيب قبل استخدامه. داءُ المُقوسات هو عدوى ناتجة عن طفيلي يوجد في بِراز القطط أحياناً. وفي حال عدم معالجة هذا المرض، فإنه يمكن أن يسبِّبَ تشوُّهات ولادية للطفل. تستطيع المرأةُ الحامل تقليل هذا الخطر من خلال تجنُّب براز القطط، ومن خلال وضع قفازات عند العمل في الحديقة. يجب أن تتجنَّبَ المرأةُ الحامل أيضاً الاحتكاك بالقوارض خلال حملها. وهذا ما يشتمل على القوارض الأليفة وبولها وبرازها والمواد التي تستخدمها للتعشيش. إن من الممكن أن تحملَ القوارض فيروساً يسبب الأذى للطفل، بل يمكن أن يكونَ هذا الفيروس قاتلاً للطفل أيضاً. يجب القيام بالخطوات اللازمة لتجنب الإصابة بالمرض خلال الحمل. ومن الطرق المفيدة لذلك الإكثارُ من غسل اليدين.
على المرأة الحامل أن تتَّصلَ بطبيبها في أي لحظة خلال حملها إذا شعرت بأي قلق يتعلق بصحتها أو بصحة جنينها. صحيحٌ أنَّ جسدَ المرأة الحامل يمر بكثير من التغيُّرات، لكن معظم هذه التغيرات أمر طبيعي؛ إلاَّ أنَّ هناك بعض التغيُّرات التي يجب إخبار الطبيب بها. وذلك لأنها يمكن أن تشيرَ إلى وجود مشكلة. يجب استشارة الطبيب إذا ظهر لدى المرأة الحامل ما يلي:
غثيان.
فقدان الشهية.
تقيؤ.
يَرَقان.
تعب مصحوب بحكة.
قد تكون هذه الأعراض إشارة إلى وجود مشكلة كبدية خطيرة. إذا لاحظت المرأةُ الحامل أي تورُّم مفاجئ أو شديد، أو إذا ازداد وزنها سريعاً، فإن عليها استشارة الطبيب على الفور. يمكن أن تكون هذه الأعراض إشارة إلى الانسمام الحملي (مقدِّمات الارتعاج). كانت حالةُ مقدِّمات الارتعاج تُدعى في السابق باسم "تسمُّم الدم" أو الانسمام الحملي. وهي حالة يزداد فيها ضغط الدم لدى المرأة الحامل، بالإضافة إلى وجود سوية مرتفعة من البروتين في البول. وغالباً ما يظهر تورُّم في القدمين والساقين واليدين. ويحدث الانسمام الحملي عادة في الجزء الأخير من الثلث الثاني من الحمل، أو في الثلث الثالث من الحمل. تستطيع المرأة الحامل أن تتصل بطبيبها في أي وقت لتحدِّثه عن أي مخاوف تتعلَّق بحملها. إن حصول المرأة على إجابة عن أسئلتها يمكن أن يقلِّلَ الشدة النفسية. وهذا هو الأفضل بالنسبة لها ولطفلها أيضاً.